الاعلامي سري القدوة يكتب : المأساة الإنسانية وإعادة إعمار غزة

المأساة الإنسانية وإعادة إعمار غزة

بقلم : سري  القدوة

الأحد 14 كانون الأول / ديسمبر 2025.

 

تتفاقم المأساة الإنسانية في غزة مع المنخفض الجوي العاصف الذي ضرب القطاع خلال الساعات الماضية، محولا آلاف الخيام إلى برك من المياه تغرق فيها العائلات النازحة، وبينما يفتقر الناس لأبسط مقومات الحماية والدفء، أعلنت مصادر طبية عن وفاة رضيعة ذات الثمانية أشهر نتيجة البرد القارس، وانهيار العديد من المباني المدمرة مخلفا عدد من الضحايا في مشهد يجسد حجم الكارثة .

 

وما يواجه سكان قطاع غزة يعكس خطورة الأوضاع الإنسانية خاصة على الأطفال والنازحين الذين يعيشون في خيام ضعيفة وغير مؤهلة لمواجهة الطقس البارد، ويعاني أهالي قطاع غزة من انعدام المأوي والعلاج، وعدم وجود وسائل التدفئة في ظل منخفض جوي عاصف وبارد وماطر، ولا يشكل المنخفض الجوي خطرا على النازحين في الخيام فقط، بل أيضا على عشرات آلاف الأسر التي تقطن في بيوت متضررة وآيلة للانهيار بسبب القصف الإسرائيلي خلال العدوان.

 

وتمنع قوات الاحتلال عشرات آلاف العائلات من العودة إلى بيوتها وراء ما يعرف بـ"الخط الأصفر" بل وتواصل تدميرها رغم اتفاق وقف إطلاق النار، و يعيش سكان القطاع (2,3 مليون نسمة) أوضاعا إنسانية قاسية سواء على صعيد الأمن أو السكن أو الغذاء، ويعاني النازحون من اهتراء الخيام بعد مرور عامين من استخدامها أو قلة عددها بسبب قيود الاحتلال على دخولها، بينما يقطن زهاء 300 ألف عائلة في خيام المنتشرة في طروقات وإحياء مدن ومخيمات النزوح في مناطق تقع داخل ما يسمى بالخط الأصفر بقطاع غزة .

 

وفي الحادي عشر من أكتوبر الماضي دخل وقف إطلاق نار في قطاع غزة حيز التنفيذ وتم بموجبه فرض "خط أصفر" شمال وشرق وجنوب القطاع يمنع تخطيه، بينما يعيش أكثر من مليوني فلسطيني مكتظون الآن في أقل من نصف مساحة القطاع، ويفتقر معظم النازحين إلى مواد الإيواء الكافية لحمايتهم من الأمطار والرياح .

 

الشعب الفلسطيني بات يواجه حرباً مفتوحة تشمل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري، إضافة إلى التدمير الشامل لقطاع غزة، حيث تسحق الأحياء السكنية فوق ساكنيها ويفرض حصار جوع وحرمان المرضى والجرحى من الغذاء والدواء والعلاج وخاصة في فصل الشتاء والأجواء القاسية والممطرة وانعدام وسائل التدفئة والعيش في خيام من قماش بالية، وما يحدث ليس انتهاكاً عرضياً، بل ممارسات ممنهجة تستهدف الوجود الإنساني ذاته .

 

تتضاعف معاناة مخيمات النزوح وظروفها القاسية من جوع ومرض وبرد، فضلاً عن استمرار الإرهاب اليومي في الضفة الغربية بما فيها القدس، المتمثل في القتل المباشر والاعتقالات وهدم البيوت وتهجير السكان، إلى جانب اعتداءات المستعمرين تحت حماية جيش الاحتلال وبقرارات سياسية مخالفة للقانون الدولي .

 

يجب العمل على دعم الجهود المبذولة لتثبيت وقف إطلاق النار وضمان دخول المساعدات الإنسانية، واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها، والذهاب إلى إعادة الإعمار، ومنع التهجير والضم، وعودة الاستقرار الدائم، تمهيدا لإنهاء الاحتلال ونيل دولة فلسطين استقلالها، كدولة قابلة للحياة، ديمقراطية وذات سيادة وفق الشرعية الدولية .

 

لا بد من متابعة التنفيذ الكامل لخطة الرئيس ترامب للسلام، وفقا لما تم اعتماده فى قرار مجلس الأمن ذى الصلة رقم (2803)، باعتبارها إطارا لتحقيق السلام العادل والشامل، وضرورة التنفيذ الكامل لاتفاق وقف الحرب وضمان إنفاذ المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودون عوائق، فضلًا عن أهمية البدء في إعادة إعمار القطاع .

 

 

سفير الإعلام العربي في فلسطين

رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.