نداء الوطن – بيروت
أثار تصريح المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية اللبنانية، بعدما حذر من احتمال عودة لبنان ليكون "جزءاً من بلاد الشام"، في حال لم تعالج الدولة اللبنانية ملف سلاح حزب الله، معتبراً أن البلاد تواجه "تهديداً وجودياً".
وفي مقابلة مع صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية، قال باراك: "إذا لم يتحرك لبنان، فسوف يصبح بلاد الشام مرة أخرى"، مشيرًا إلى تصاعد نفوذ سوريا وإيران في المعادلة اللبنانية. وأضاف: "السوريون يقولون: لبنان منتجعنا الساحلي"، داعياً الدولة اللبنانية إلى التحرك قبل فوات الأوان.
💣 ضغوط أمريكية وعزلة محتملة
وتأتي تصريحات باراك عقب زيارته الأخيرة إلى بيروت حيث سلّم مسؤولين لبنانيين ورقة مقترحات أمريكية تتعلق بنزع سلاح حزب الله، وهو مطلب لم ترد عليه الدولة اللبنانية بوضوح حتى الآن، واكتفت بتقديم "أفكار للحل"، بانتظار رد أمريكي لاحق.
وتشير أوساط مراقبة إلى أن الولايات المتحدة بدأت تفقد الثقة بالقدرة اللبنانية على احتواء الأزمة، وهو ما أكده المحلل السياسي اللبناني طوني بولس بقوله: "قد نكون أمام سيناريو ترك لبنان لمصيره، ما يعني مزيدًا من العزلة الدولية والتحول إلى سجن كبير".
وأضاف بولس: "عدم قدرة الدولة على ضبط سلاح حزب الله يفتح الباب أمام تدخلات خارجية، سواء من إسرائيل أو من سوريا، بحجة الأمن القومي".
🔍 ورقة سياسية أم تهديد وجودي؟
بدوره، اعتبر المحلل السياسي توفيق شومان أن تصريحات باراك تندرج ضمن استراتيجية الضغط القصوى، مشيراً إلى أن واشنطن تحاول عبر التلويح بالمخاطر الجيوسياسية دفع لبنان لاتخاذ قرار داخلي بتحديد موقع سلاح حزب الله في المعادلة الوطنية.
وتابع شومان: "رغم خطورة التصريح، إلا أن الواقع الإقليمي والدولي اليوم لا يشبه ظروف عام 1976 حين دخل الجيش السوري إلى لبنان بناء على توافق دولي".
🗺️ خلفية تاريخية: بلاد الشام
مصطلح "بلاد الشام" يُطلق تاريخياً على المنطقة الممتدة من جنوب تركيا إلى صحراء سيناء، ومن البحر المتوسط إلى صحراء العراق، وكان لبنان جزءًا إداريًا من ولاية الشام خلال العهود الإسلامية والعثمانية.
وفي عام 1920، أعلن الجنرال الفرنسي هنري غورو قيام "دولة لبنان الكبير"، مفصلاً إياها عن سوريا في إطار تقسيمات الانتداب الفرنسي لما كان يعرف سابقًا ببلاد الشام.
🧭 سيناريوهات مفتوحة
تأتي هذه التطورات وسط مفاوضات إقليمية ودولية حساسة بشأن مستقبل لبنان، في ظل التوتر المتصاعد على الحدود الجنوبية واستمرار الخرق الإسرائيلي لوقف إطلاق النار، وتدهور اقتصادي غير مسبوق، ما يُصعب أي مقاربة داخلية حاسمة لمسألة السلاح.
ومع تحديد المبعوث الأمريكي مهلة 90 يوماً لإيجاد حل، يبدو أن لبنان بات أمام مفترق طرق حاسم بين تثبيت سيادته أو التماهي مع تحولات إقليمية قد تعيده إلى خارطة النفوذ التاريخية لبلاد الشام.