المجاعة والموت المحقق الذي ينتظر سكان غزة
بقلم : سري القدوة
الأربعاء 3 أيلول / سبتمبر 2025.
ما يجري في قطاع غزة من إبادة ومجاعة يعد سابقة خطرة في مبادئ حقوق الإنسان، ولم يشهد عالمنا منذ صدور ميثاقه العالمي الأممي نظيرا لها، وهو ما يشكك في مصداقية الشرعية الدولية جراء عدم الالتزام بميثاقه التضامني ومن ثم تهديد تماسك أممه التي أعلنت اتحادها لنصرة القضايا العادلة التزامًا بميثاقها التاريخي .
الوضع في قطاع غزة مؤلم، وأن الأزمة أظهرت أن المجتمع الدولي فقد حماسته وشغفه بالعدالة والإنسانية وتواصل سلطات الاحتلال إغلاق جميع المعابر مع غزة، مانعة دخول الغذاء والدواء، الأمر الذي أدى الى نتائج كارثية، منها وارتفاع الوفيات بين الأطفال والرضع وقد تضاعف معدلات سوء التغذية الحاد بين مارس ويونيو، وولادة طفل من كل خمسة دون الوزن الطبيعي .
ما يجري في قطاع غزة من فاجعة هزت الضمير الإنساني لم تكن لتحصل لو لم يكن هناك غياب لفعالية القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومن ذلك تفعيل آليات المحاسبة الدولية، وان تقارير الأمم المتحدة واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية شددت على ضرورة إدخال المساعدات دون عراقيل، مؤكدة أن "واحدًا من كل أربعة أطفال في غزة يعاني سوء تغذية حاد، وبعضهم وصل متأخرا جدا لإنقاذه .
سلطات الاحتلال تتحمل المسؤولية الكاملة، كونها عملت على إيقاف جميع برامج ونظم المساعدات الإنسانية وفرضت نموذجا عسكريا للتحكم بالسكان واستهدفت 58 تجمعا لمدنيين أثناء انتظارهم المساعدات، وتتبع برنامجا قائما على التجويع كسلاح حرب لتدمير النظام الاجتماعي بينما تتواصل الكارثة الإنسانية في غزة على هذا النحو، وسط صمت دولي، حيث تتداخل المجاعة القاتلة مع حرب إبادة شاملة بدأت في السابع من أكتوبر 2023، دمرت المنازل والمدارس والمستشفيات وكل مقومات الحياة، لتجعل من الجوع والموت وجهين لسياسة واحدة عنوانها العدوان والحصار حتى الموت .
في ظل حرب إبادة متواصلة منذ ما يقارب العامين، يتعمد الاحتلال الإسرائيلي فرض سياسة التجويع والحصار الخانق، ما أدى إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة تترجم يوميا في ارتفاع أعداد ضحايا المجاعة وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال والنساء وكبار السن، ولم يعد الموت جوعا في غزة مجرد تحذير أو خطر محتمل، بل واقع يومي يتجسد أمام الكاميرات والشاشات حيث تعيش آلاف العائلات على وجبة بسيطة أو لا تجد قوت يومها، فيما يتفاخر جنود الاحتلال بتصويرهم مشاهد المأساة وينشرونها على مواقع التواصل بدون أي رادع اخلاقي .
مؤشرات المجاعة تحققت وتضاعفت نسبة سوء التغذية الحاد بين الأطفال إلى 16.5% خلال شهرين فقط، و39% من السكان يصومون أياما بلا طعام، وفي أغسطس، أعلنت الأمم المتحدة رسميا أن المجاعة باتت واقعا في مدينة غزة، مع توقع امتدادها إلى دير البلح وخان يونس ويعاني أكثر من نصف مليون إنسان من المجاعة، بينهم 12 ألف طفل مصاب بسوء تغذية حاد خلال شهر واحد .
على المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن، تحمل مسؤولياتهم القانونية والسياسية، وخاصة في ظل ما يخطط له جيش الاحتلال بشأن اقتحام مدينة غزة وارتكاب جرائم وفظائع بحق الأبرياء، والعمل بكل السبل والإمكانات لإيقاف المجازر القائمة بالفعل وممارسة الضغط على حكومة الاحتلال لوقف الكارثة الإنسانية، وضرورة التحرك الفوري لوضع حد للسياسات الإجرامية وفرض عقوبات على قادة الاحتلال وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الذي يواجه مشروع إبادة جماعية وتطهير عرقي .
سفير الإعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.