
استهداف الوجود الفلسطيني وتهويد القدس
بقلم : سري القدوة
الأحد 9 تشرين الثاني / نوفمبر 2025.
إعلان سلطات الاحتلال طرح مناقصتين لبناء 356 وحدة استعمارية جديدة في مستعمرة "آدم" قرب بلدة جبع شمال القدس المحتلة، هو استمرار لسياسة التوسع الاستعماري غير القانوني، بهدف السيطرة على سفوح القدس الشمالية الشرقية، وعزل القدس، وفرض مشروع القدس الكبرى لتهويد المدينة وقطع تواصلها الفلسطيني، وأن هذا المخطط يشكل خرقا فاضحا للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، ومحكمة العدل العليا التي تعتبر الاستعمار باطلا ولا يرتب أي أثر قانوني .
بينما تواصل ما يسمى "لجنة الأمن القومي" في الكنيست الإسرائيلية إغلاق القنصليات الأجنبية العاملة في مدينة القدس، ويشكل هذا الاستهداف المباشر اعتداء سافرا على السيادة الدولية وعلى الوضع القانوني والسياسي للمدينة، ومحاولة جديدة لفرض الوقائع الاحتلالية بالقوة على حساب الشرعية الدولية، ويعبر عن حالة من الذعر السياسي والانهيار الأخلاقي الإسرائيلي، في وقتٍ تتسع فيه دائرة الاعتراف الدولي بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني .
وكانت ما تسمى "لجنة الأمن القومي" في الكنيست الإسرائيلية، عقدت جلسة خصصت لمناقشة ما أسمته "ملف القنصليات الأجنبية التي تعمل في القدس دون تفويض رسمي من إسرائيل"، متهمةً بعضها بتجاوز الصلاحيات ودعم مشاريع فلسطينية في المنطقة (ج)، أو تبني مواقف تعتبرها "معادية لإسرائيل"، ودعت حكومة الاحتلال إلى اتخاذ خطوات عملية لإغلاقها أو تقييد عملها.
وتعمل العديد من القنصليات، وخصوصاً الأوروبية منها، أُنشئت قبل قيام دولة الاحتلال عام 1948، وهي جزء من الوجود الدبلوماسي التاريخي في المدينة، ولا تخضع لسلطة الاحتلال ولا لاعتماده المزعوم، ويواصل الاحتلال الإسرائيلي سلوكه الإجرامي على الأرض وفي الميدانين السياسي والدبلوماسي، مستخدماً أدوات القمع والقوة والابتزاز لفرض سيطرته على المدينة المحتلة، في انتهاك صارخ لجميع القواعد التي تحكم الوجود القنصلي في الأراضي المحتلة .
مساعي الاحتلال لإغلاق أو تقييد عمل القنصليات الأوروبية المتواجدة في القدس الشرقية والتي تقدم خدماتها الأساسية ضمن اعترافها بدولة فلسطين يندرج السلوك الإسرائيلي ضمن سياسة العقاب الجماعي والضغط السياسي ضد الدول التي ما زالت تتمسك بموقفها العادل والمنسجم مع قرارات الشرعية الدولية الرافضة للاحتلال والداعمة لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال .
لا بد من استمرار عمل القنصليات الأجنبية في المدينة، لما تجسده من التزام بالموقف القانوني كون إن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، وأن أي مساس بهذه القنصليات يمثل انتهاكا صارخا للقوانين الدولية واعتداء على حق الشعب الفلسطيني في التمثيل والوجود في عاصمته المحتلة، وتبقى القدس الشرقية أرض فلسطينية محتلة وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ولا تمتلك سلطات الاحتلال أي شرعية قانونية أو سياسية تخولها تحديد أو تقييد عمل البعثات الدبلوماسية المقامة فيها .
ويجب على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته ووقف التغول الاستعماري، ومساءلة سلطات الاحتلال على جرائمها بحق شعبنا وأرضه، ورفض إملاءات الاحتلال وعدم الرضوخ لابتزازه السياسي، والتمسك بحقها في مواصلة عملها الدبلوماسي والإنساني في القدس الشرقية، باعتبار ذلك حمايةً لفرص تحقيق السلام العادل والشامل على أساس قرارات الأمم المتحدة ومبدأ حل الدولتين .
التغول الاستعماري اعتداء على سيادة وحدود الدولة الفلسطينية، وان الشعب الفلسطيني يتمسك بحقوقه غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران 1967، وكل المحاولات لفرض الأمر الواقع الاستعماري ستفشل أمام إرادة وصمود شعبنا وحقوقه الثابتة .
سفير الإعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.