تودع العوائل الفقيرة المستفيدة من مخصصات التنمية الاجتماعية عام 2021 بحال "سيء" لم يعيشوا مثله سابقًا على الإطلاق؛ إثر عدم صرف شيكاتهم المالية، وسط آمال بانتهاء معاناتهم بالعام الجديد 2022.
فمن أصل 4 دفعات مالية يفترض أن تدفع لهم على مدار العام بواقع دفعة مالية كل 3 أشهر تصل قيمة الواحدة إلى 1800شيقل، لم تصرف وزارة التنمية الاجتماعية سوى جزء من دفعة واحدة بقيمة 750 شيقلًا.
وألقى الأمر بظلال سيئة على الأسر الفقيرة التي تركت وحيدة تواجه شبح الفقر الذي نهش أجساد أفرادها، لاسيما أنها مصدر الدخل الوحيد لمعظم تلك العائلات البالغ عددها 106 آلاف في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
وتذرعت "التنمية" بعدم دفع الاتحاد الأوروبي للجزء المتعلق به بميزانية الملف البالغ قيمته 40 مليون يورو، فيما قال الأخير إنه أبلغ السلطة الفلسطينية منذ مطلع 2021 أنه يواجه مشكلات بـ"إعادة برمجة المساعدات" وإقرار الميزانية الخاصة بفلسطين.
وفي وقفات احتجاجية متتالية نظمت على مدار العام الجاري، حملت "عائلات الشؤون" السلطة ووزارة التنمية بالدرجة الأولى المسؤولية عن عدم صرف مخصصاتهم، باعتبارها هي من تتولى إدارة الملف.
أوضاع كارثية
يجلس الأربعيني محمود اليازجي من ذوي الاحتياجات الخاصة على دراجته الكهربائية أمام مقر وزارة التنمية بمدينة غزة، متذمرًا من الحال "الكارثي" الذي مر به بعام 2021 ووصفه بـ"العام الأسوأ على الإطلاق".
في حديثه مع مراسل "صفا" يتساءل اليازجي:" هل يعقل أن يصرف لنا 750 شيكلًا فقط خلال عام واحد؟".
ويقول: "هل العجز في الميزانية يقتصر على الفقراء فقط؟ لماذا يتقاضى الوزراء والموظفون رواتبهم بشكل منتظم؟ أين هي الأزمة المالية؟".
ويشير اليازجي إلى أنه يقطن في بيت بالإيجار، ولم يدفع شيكلا واحدا لصاحبه منذ 10 أشهر، متابعًا: "عندي أطفال وحياتنا أشبه بالجحيم (..) لماذا هذا الظلم؟ من حقنا أن نعيش حياة كريمة".
وخضع لـ4 عمليات جراحية في مفاصله ما سبب معاناة متفاقمة له، وعدم تمكنه من شراء العلاج المطلوب، لافتًا إلى أن لديه تحويلة طبية إلى مصر، لا يستطيع السفر من خلالها بسبب الحاجة إلى تكاليف بقيمة ألف دولار.
ويحمل اليازجي وزير التنمية أحمد مجدلاني المسؤولية عن هذه المعاناة، قائلا إنه "منذ أن تسلم (الأخير) الوزارة ووضعنا يزداد سوءا".
ديون متراكمة
تعيش "أم عمر" الهور في مخيم النصيرات وسط القطاع، مع أسرة مكونة من 10 أفراد بينهم طفلان من ذوي الاحتياجات الخاصة، بأوضاع "كارثية غير مسبوقة".
وتؤكد الهور لمراسل "صفا" أن زوجها مريض ويحتاج لعلاج وأدوية بشكل مستمر، والديون متراكمة على العائلة للمحلات، متسائلة: "هل يريدون منا أن نسرق ونتسول، لمن يتركوننا؟".
وتقول: "هل عباس يعاقب حركة حماس أم يعاقب أهل غزة؟.. ما ذنب هذه العائلات ليتم حرمانها من حقوقها".
وتعرب الهور عن أملها في وضع حد لهذا "المهزلة"، وأن يشهد عام 2022 حلًا حاسمًا لمشكلتهم.
أحوال مشابهة لسابقيه عاشها الخمسيني عبد المحسن حجاب من محافظة خانيونس جنوبًا، الذي أجبر على تأجيل الفصل الدراسي الجامعي لابنته لعدم قدرته على دفع الرسوم، وعجزه عن تحرير شهادة ابنته الأخرى الخريجة؛ إثر تراكم المستحقات المالية للجامعة.
ويقول حجاب لمراسل "صفا" إن "الديون متراكمة علينا لأصحاب المحلات التجارية، الذي يطالبوننا بالسداد، ونحن لا حول لنا ولا قوة".
ويضيف: "في كل شهر يتم تقديم الوعود لنا بدفع الشيكات، لكننا لم نرَ شيئا على أرض الواقع".
ويأمل حجاب في صرف الشيكات لهم بشكل طبيعي خلال عام 2022، وأن توضع قضيتهم في عين اعتبار الجهات المسؤولة.
حلحلة متوقعة
مكتب الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية توقع أن يشهد ملف "الشؤون الاجتماعية" حلحلة خلال العام 2022.
وحول أسباب الأزمة خلال 2021، قال مسؤول مكتب الإعلام والاتصال في الاتحاد شادي عثمان لوكالة "صفا" إن: "الأسباب المتعلقة بالاتحاد الأوروبي تتمثل بأننا كنا نعمل على ميزانية جديدة مداها بين 2021 – 2024".
وأوضح أن التأخير "كان لأن هذه الميزانية مداها طويل والعمل عليها يتطلب وقتًا، لأنها لا تتعلق بسنة واحدة فقط".
وذكر عثمان أن "الميزانية الجديدة الخاصة بفلسطين بطور النقاش، ونتوقع إقرارها قريبًا، وضمنها سيكون الجزء الخاص بمستحقات التنمية الاجتماعية".
ورجّح أن ينتهي الاتحاد من إقرارها بالربع الأول من العام الجديد (2022)، مؤكدًا أن الجزء المتعلق بمخصصات التنمية الاجتماعية وقع في عين الاعتبار.
وتابع عثمان: "داخل الاتحاد الأوروبي أكثر من مؤسسة يجب أن تتوافق على هذه الميزانية، وحاليا نحن في المراحل الأخيرة لإقرارها".
وملف الشؤون الاجتماعية يعتبر حلقة واحدة في سلسلة من الأزمات التي تعيشها فئات عديدة في قطاع غزة؛ جراء الحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ عام 2006، إضافة لإجراءات "عقابية" تتخذها السلطة بحقه.