الاعلامي سري القدوة يكتب : من "سجن عكا" الى سجن "سديه تيمان"

من "سجن عكا" الى سجن "سديه تيمان"

بقلم  :  سري  القدوة

السبت 21 أيار / مايو 2025.

 

كانوا ثلاثة رجال يتسابقوا عالموت، أقدامهم عليت فوق رقبة الجلاد، وصاروا مثل يا خال، طول وعرض البلاد، كلنا نعرف ونسمع الأغنية الوطنية لفرقة العاشقين الفلسطينية والتي كتبها الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان بعنوان في قصيدته (الثلاثاء الحمراء) تخليدا لشهداء فلسطين الثلاثة الذين تم إعدامهم لتحل علينا الذكرى الـ95 على إعدام سلطات الانتداب البريطاني المناضلين الثلاثة محمد جمجوم، وفؤاد حجازي، وعطا الزير في بتاريخ 17 من حزيران، من عام 1930، حيث تم إعدام الشهداء في سجن القلعة بمدينة عكا رغم الاستنكارات والاحتجاجات العربية .

 

وكانت في حينه اعتقلت الشرطة البريطانية مجموعة من الشبان الفلسطينيين بعد اندلاع ثورة البراق، التي بدأت عندما نظم اليهود مظاهرة ضخمة في 14 آب/ أغسطس من عام 1929 لمناسبة ما أسموه "ذكرى تدمير هيكل سليمان"، أتبعوها في اليوم التالي بمظاهرة ضخمة في شوارع القدس، حتى وصلوا إلى حائط البراق، وهناك راحوا يرددون "النشيد القومي الصهيوني"، بالتزامن مع شتم المسلمين .

 

وفي اليوم التالي، الجمعة 16/ آب الذي صادف ذكرى المولد النبوي الشريف، توافد المسلمون ومن ضمنهم الشهداء الثلاثة للدفاع عن حائط البراق، حيث بيت اليهود نيتهم للاستيلاء عليه، فوقعت صدامات عمت معظم فلسطين، واعتقلت شرطة الانتداب في حينه 26 فلسطينيا ممن شاركوا في الدفاع عن حائط البراق، وحكمت عليهم جميعا بالإعدام في البداية، لينتهي الأمر بتخفيف هذه العقوبة عن 23 منهم إلى السجن المؤبد، مع الحفاظ على عقوبة الإعدام بحق الشهداء الثلاثة محمد جمجوم، وفؤاد حجازي، وعطا الزير، وحددت سلطات الانتداب يوم 17 حزيران من عام 1930، موعدا لتنفيذ حكم الإعدام بحق هؤلاء الأبطال، في وقت تحدى فيه هؤلاء الشهداء الخوف من الموت .

 

وبينما حفرت إحداث سجن عكا في الذاكرة الفلسطينية تتكشف تلك الوقائع وما يحدث من ممارسات انتقامية ضد المعتقلين الأبطال في سجون الموت وخاصة سجن "سديه تيمان"، حيث فاقت ممارسات حكومة الاحتلال بحق المعتقلين الفلسطينيين كل التوقعات والتقديرات وحان الوقت لتدخل المجتمع الدولي وأهمية تشكيل لجنة تحقيق دولية للاطلاع على الظروف اللاإنسانية، التي تفرضها إدارة سجون الاحتلال على المعتقلين الفلسطينيين، بما فيها عمليات القتل وحالات الإخفاء القسري والاغتصاب التي يتعرض لها المعتقلين وخاصة معتقلي قطاع غزة .

 

حكومة اليمين المتطرف برئاسة نتنياهو تتحمل المسؤولية الكاملة عن عشرات حالات الإعدام بين صفوف المعتقلين والتعذيب والتشويه الجسدي وأن هذه الانتهاكات تعبر عن مدى وحشية هذه الحكومة المتطرفة وطورتها بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية بحق الأسرى الفلسطينيين .

 

وما من شك بان سياسة المتطرف بن غفير أدت الى استغلال حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تشن على الشعب الفلسطيني لارتكاب أكبر عدد من جرائم القتل والتعذيب الجسدي، وإعطاء أوامر للجنود بممارسة جميع أشكال القتل والانتهاكات بحق أسرى الحرية وقمعهم دون الالتفات إلى القوانين والمواثيق الإنسانية والدولية والمعاهدات التي تحمي المعتقلين .

 

سلطات الاحتلال تستغل إنشغال العالم بما يجري في قطاع غزة لقضم ما تبقى من أراض في الضفة الغربية وسرقتها وإعلان الحرب في سجون الاحتلال على المعتقلين الفلسطينيين بالتنسيق الكامل مع ميليشيات المستعمرين التي تمارس جرائمها بحماية ودعم كامل من جيش الاحتلال، غير آبهة بأحكام القانون الدولي الذي يعتبر الاستعمار جريمة حرب لا تسقط بالتقادم .

 

وتستمر مسيرة النضال الوطني برغم الصعاب وإجراءات الاحتلال القمعية وان شعب فلسطين حتما لقادر على تغيير الواقع والتقدم نحو المستقبل الذي يليق بالتضحيات والشرفاء والقدس وفلسطين فلا يمكن استمرار الصمت أمام ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة من جرائم وتطاول من قبل الاحتلال مستهدفا الشباب الفلسطيني والنيل من إرادتهم الصلبة وعزيمتهم القوية ومستقبلهم الواعد .

 

شعب فلسطين سيبقي على عهد الشهداء حافظا للوصايا ماضيا في طريق الانتصار ومتمسك بالمبادئ والإرث الكفاحي والوطني والهوية والعنوان النضالي حتى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .

 

سفير الإعلام العربي في فلسطين

رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.