ما هو الفشل؟ وكيف نتعامل معه؟

 

1- النجاح يمكن الوصول إليه مع الوقوع بالأخطاء. فالنجاح عندما يكون حتى تامًا، يحتمل أن يكون (أي الفرد صاحب النجاح، وهذا ينطبق على فرق العمل) قد ارتكب خطأ او عدة أخطاء.
2- يفشل الفرد إذا كفّ عن المحاولة.
فمثلا نقول: فشل فلان في إلقاء خطابه/حديثه. هذا يعني انه ارتكب عدة أخطاء متنوعة قبل الخطاب (التحضير)،وخلال خطابه (الممارسة مثل التلعثم، الخوف، اوالارتباك)، أدت إلى عدم نجاحه بسبب انسحابه، او لم يخطب/ يتحدث أصلا.
أما إذا ألقى خطابه/حديثه في محاضرة أو عرس أو ماتم أو وليمة أو اجتماع او ندوة....الخ عمل فنصفه بالخطاب الجيد او الخطاب السيء
3- تعريف الفشل: الفشل لُغةً هو الخيبة، وعدم تحقيق ما كان يأمله الإنسان، وهو مأخوذ من المصدر (فَشَلَ)، الذي يعني الضعف والكسل.
ولان الفشل هو ارتكاب مجموعة متنوعة من الأخطاء، فان التعرف على معنى الخطأ، ونوعه، وكيفية التعامل معه يقودنا إلى التعرف على الفشل وكيف نتعامل معه.


4- الخطأ والخطّاء: ضد الصواب. والخطأ : ما لم يتعمد. المخطئ : من أراد الصواب فصار إلى غيره.الخطأ: أن يريد ما يحسن فعله، ولكن يقع منه خلاف ما يريد فيقال أخطأ فهو خطيء، وهذا قد أصاب في الإرادة وأخطأ في الفعل.الخطأ في الاصطلاح: كل ما يصدر عن المكلف من قول أو فعل خال عن إرادته وغير مقترن بقصد منه. الخطأ: ما تعمد، وقال الأموي : المخطئ: من أراد الصواب فصار إلى غيره، والخاطئ :من تعمد ما لا ينبغي، والخطيئة الذنب على عمد.
الخطأ : كل قول أو فعل أو سلوك زاد ضرره على نفعه وجرّ ضرر سواء على النفس أو على الغير.

5- والصواب : كل قول أو فعل أو سلوك جرّ منفعة للنفس أو للغير دون أن يكون هناك إضرار بالنفس أو بالغير.
6- تحديد الصواب والجزم به يبقى نسبي إلى حد ما ، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، والتصور عادة يعتمد على التراكمات الثقافية لدى الأشخاص، فلكل ثقافته الخاصة وحصيلته المعرفية التي تشكل تصوره وعن هذا التصور تأتي القناعات التي تصدر عنها الأفعال وردود الأفعال والأحكام . يُقال: ليس عاقلا من يعرف الخير من الشر بل العاقل من يعرف خير الخيْرَيْن وشر الشرَّيْن .
إذا أردنا أن نتكلم عن الخطأ والصواب كان لزاما أن نذكر بعض خصائص النفس البشرية وطبائعها الغريزية.

7- ستخطئ، كلنا سنخطئ، كل إنسان على وجه الأرض اخطأ،وسيخطئ. ذالك لان الإنسان خلقه الله تعالى ضعيفا ، هلوعا ، عجولا، ظلوما جهولا ، خسران ، ظلوم كفار ، يحب الخصام ويحب ويكثر من الجدال ، يؤوسا ، قنوطا ، النسيان ، الإدراكالمتأخر ، الطغيان ، ويحب المال .
ويقابل كل مكون سلبي في الإنسان، مكون ايجابي.
ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب، فمن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله.
وقال الرسول صل الله عليه وسلم أن الإنسان خطّاء .
هكذا وصف الخالق سبحانه من خلق. الإنسان مليء بالنقصان، لذلك فان الأخطاء التي يرتكبها الإنسان هي جزء من طبيعة تكوينه.
8- ومن أجل حث الإنسان على الاجتهاد والابتكار والعمل والمثابرة، وفعل الخير وخدمة الناس، جعل للخطأ في الاجتهاد أجر ، وفي الصواب أجران . ومَن قال إن «لكل مجتهدٍ نصيب» تقتصر فقط على التقاعس في الاجتهاد، أو الاجتهاد بكامل الطاقة الاستيعابية!؟ هناك اجتهاد كما يجب، واجتهاد بالشكل المطلوب وتخطيط للعمل قبل الإتيان به، ودراسة للطرق السليمة قبل الإقدام عليها .
9- يتحمل الإنسان مسؤولية أخطائه.
وعلى الرغم من هذا النقصان في الإنسان، فانه مسؤول عن نتائج أعماله، وعليه تحمل مسؤولية نتائج أعماله.
10- أربعة حقائق عن مفهوم الخطأ:
1) الخطأ سنة البشر.
2) الخطأ ليس عذرا.
3) لا تكونوا عونا للشيطان على أخيكم.
4) لم نؤمر بالتنقيب عن (في) قلوب الناس
11- الخطأ والفشل
الخط الفاصل بين ارتكاب الأخطاء والفشل، هو: الانسحاب والتوقف عن المحاولة، إذا انسحبت وتوقفت عن المحاولة، أنت فشلت.
12- الأخطاء نتائج لأسباب وليست صفة في الإنسان.
الأخطاء والفشل هما بالأساس نتيجة لما يقوم به الإنسان، وليس صفة في الإنسان، لذلك لا يصح أن ننعت أي إنسان بالفاشل(نفصل بين التصرف/الموقف والشخصية)، وبما أنهما نتيجة فان تعديل النتيجة يتطلب دراسة الأسباب التي أدت إلى النتيجة غير المرغوب بها، وتعديلها للحصول على النتائج المرجوة. التقييم ودراسة أسباب عدم الحصول على النتائج المطلوبة سيكشف لنا أيضا نوع الخطأ: هل هو ناتج الإرادة؟ أم الفعل الإنساني؟
13- التمييز بين الخطأ الناتج عن الإرادة والخطأ الناتج عن عدم الأخذ بالأسباب الكافية للحصول على النتائج المرجوة مهم لمعالجة الخطأ. (الخطأ الناتج عن الإرادة ليس خطأ، الخطأ فعل غير مقصود أساسا)، إما إذا تعمد الخطأ فقد يصل الى مستوى الجناية/الجريمة.
أي هل نحن بحاجة إلى معالجة إرادة العمل أم نتائج العمل؟

14- أسباب الأخطاء الناتجة عن إرادة العمل.
1) الخوف من الفشل سبب جوهري لعدم القيام بأي جهد، او حتى الهروب من المسؤولية والقيام بما يجب القيام به.
وينقسم والخوف إلى قسمين: خوف مقعد، وخوف محفز.
أما المقعد فهو الذي يمنع الفرد من العمل خوفا من وقوعه في الأخطاء او الفشل او الخوف من تكلفة العمل المالية او بذل الوقت والجهد. أما الخوف المحفز فهو دافع للفرد لبذل الجهد والوقت والمال والمثابرة والانضباط الذاتي لإنجاح ما يجب ان يقوم به.

2) الخوف من الرفض يمنع الفرد من تقديم أفكاره وآراءه للآخرين.
الأفراد الذين يفشلون بسبب الخوف المقعد والرفض بالبدء بالعمل بما هو مطلوب منهم تعالج أدمغتهم الفشل والأخطاء على انه انتقاص من كرامتهم، لذلك يطلق الفرد دافع البقاء- للبقاء في منطقة الأمان، وهي عدم المبادرة، وإتباع الآخرين.
يقول "جون دبليو جاردنر" ، نحن ندفع ثمناً باهظاً لخوفنا من الفشل. إنها عقبة قوية أمام النمو. يضمن التضييق التدريجي للشخصية ويمنع الاستكشاف والتجريب. لا يوجد تعلم بدون بعض الصعوبة والتحسس. إذا كنت تريد الاستمرار في التعلم ، فيجب أن تستمر في المخاطرة بالفشل – طوال حياتك.
3) ماذا لو؟ او إسقاط الفشل، الاسترجاع، إذا كان نجاح الأمس ليس ضمانا لنجاح الغد، فإن أخطاء الأمس او فشل الأمس ليس بالضرورة هي أخطاء وفشل الغد. الذين يستخدمون الاسترجاع، أي تجربة الماضي الفاشلة حجة لعدم قيامهم بما يجب القيام به لا يريدون التعلم من أخطائهم والاستمرار بالعمل. هؤلاء كان يجب عليهم استبدال سؤال: ماذا لو؟ بسؤال: ما الذي تعلمته من هذه التجربة؟ ثم يحولون ما تعلموه إلى دروس تحفزهم على العمل والاستفادة من تجربتهم في الأعمال اللاحقة.
4) التوقعات السلبية والسيئة ، إنّ نظريّة التوقّع عامّة تركزعلى مسألتين مترابطتين:
1. عندما نواجه احتمالين أو أكثر، أيّهما نختار؟
2. عندما نختار احتمالًا ما، كم سنكون مدفوعين للسعي خلفه؟
تركّز هنا نظريّة التوقّع على عاملي الدافعيّة الأساسيّين، وهما: الاتّجاه (أيّ احتمال؟) والشدّة (كم سنبذل جهدًا لتحقيق هذا الاحتمال؟). تتحدّد جاذبيّة احتمال ما عبر "توقّعاتنا" لما سيحدث إن اخترناه. كلّما ازدادت قناعتنا أنّ الاختيار سيقود لنتائج إيجابيّة كلّما ازداد انجذابنا له.
هنا أصحاب التوقعات السلبية منطلقين من إرادة عدم العمل سيركزون على الاحتمال السلبي لأنه الاختيار الأكثر جاذبية لهم.
ليس هناك أي عمل توقعاته الايجابية مضمونه 100% ولكننا بحاجة دائما إلى التفكير الايجابي والتركيز على انجاز المهمة المطلوبة، خطوة خطوة، ونكون مستعدين لتجاوز المعيقات وتعديل خططنا لانجاز المهمة.
اختصر علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وغيره ، نظرية التوقعات في كلمات مختصرة حيث قال: كل متوقع آت. توقع الفرد هو اتجاهه في الاختيار من بين الخيارات، ثم العمل يجد لتحقيقه .
لذلك فان الذين يخافون الفشل سيفشلون والذين يخافون من الرفض سيرفضون والذين يتوقعون السلبيات سيحصدونها. إن الأمر ليقع على ألسنتهم فبل أن يقع على أرضهم (واقعهم).

5) عقلية المقامر، هذه العقلية تطالب بوضع كل الإمكانيات والموارد في خطة واحدة بدون خطة بديلة وبدون الاحتفاظ بموارد احتياطية. هذه العقلية لا ترغب بالعمل أساسا، وتستخدم عقلية المقامر للانتحار او لتبرير عدم العمل.
6) الانخفاض المستمر للدافعية الناتج عن الاكتئاب والتعاسة وعدم الثقة بالنفس.
7) الخوف من المخاطرة، بدون مخاطرة لا مجال للانجاز. ونحن لا نعرف على وجه الدقة نتيجة ما سنقوم به، ولكن علينا الاستعداد لاحتمال ارتكاب الأخطاء والفشل. نبدأ العمل مع احتمال ارتكاب الأخطاء. وحتى الفشل أفضل من عدم البدء بالعمل تحت شعار اننا قد نفشل.
8) التراخي وعدم الجدية.
9) يضعون أهداف غير واقعية.
10) العقلية المغلقة.
11) انعدام الثقة بالنفس.
12) الشكوى الدائمة.
13) يفكرون بالتكلف المالية والجهد المبذول لانجاز العمل وليس يقيمه الانجاز.
14) عدم الرعية بالتضحية.
15) وعدم الرغبة بتحمل المسؤولية.
16) السعي لكسب رضا الآخرين.
17) الجميع يريد نتائج، ولكن القليل منهم مستعد للعمل من اجل الحصول على النتائج.
18) ويفشل كل من يعمل بلا تفكير، والذي يفكر ولا يعمل.
15- الأخطاء الناتجة عن عدم الأخذ بالأسباب الكافية لنجاح العمل.
هذا النوع من الأخطاء يعالج بالتقييم. وعندما نقع بالأخطاء من المهم أن نتذكر ما يلي:
1) تقبل انك إنسان ستقع بالخطأ.
2) عبر عن مشاعرك وأفكارك.
3) توقف عن لوم نفسك.
4) توقف عن الندم ونقد ذاتك.
5) تفاءل بالمستقبل واعمل من أجله.
6) غيّر نظرتك إلى الأمور، وتعلم كسر الغرور.
7) تعلم واعتمد استراتيجيات جديدة في الحياة والعمل.
8) استشر أهل الخبرة.
16- ما هي الأسباب التي تجعلنا لا نتعلم من أخطائنا؟
1) الشعور بالكمال.
2) الثقة الزائدة بالمعرفة.
3) يجب أن تؤمن بقيمة ما تود تعلمه حتى تتعلمه.
4) التأكد من مصدر المعلومات. الخلل في المصدر وعدم الثقة به يؤدي إلى عدم التعلم.
5) الإصغاء والفهم والاستعداد لاستقبال المعلومات.
6) التدقيق بالمعلومات لأنها ستدخل في نظامنا المعرفي ثم نستخدمها في التطبيق.
7) أي معلومة تعلمتها ولم تستخدمها ليس لها قيمة.
8) جودة ما تعرفه سيكشفه التطبيق
9) الخطأ أن لا نتعلم من الخطأ.
10) عدم التفاعل الايجابي مع النقد.

17- كيف نتعلم من الأخطاء؟
أكبر الأخطاء التي ارتكبت بحقنا، والتي ارتكبناها بحق غيرنا أننا عرفنا مكونات العملية التعليمية بشكل قاصر.
تعرف حتى ألان العملية التعليمية بأنها: المعلم والمتعلم والمحتوى التعليمي، ومكان التعليم. والبعض أضاف بيئة التعليم وأسلوب التعليم والإدارة.
ونحن تعلمنا أيضا أن المعرفة الحقيقية هي نتائج الخبرة وتراكمها. ولكننا لم ندرج العمل كمصدر ومكان للتعلم.
يقول ديوي : مع أن الخبرة تتصل بالمعرفة وطابعها الحسي والعملي، إلا أن محتوى الخبرة لا يقف عند هذه الحدود، بل ينطوي على عناصر انفعالية أيضاً، فالخبرة يحرض عليها الاهتمام الذي يرتكز على الدافعية. ويرى أن الخبرة التي تكتسب بسبب من الاهتمام تؤدي إلى معرفة قابلة للتمثل وتؤدي إلى تعلم قصدي مقابل التعلم العارض . وللخبرة أيضاً جانب انفعالي آخر، وهي عند ديوي العلاقة بين الفعل والانفعال، فعل الإنسان في الأشياء وانفعاله بها. فانفعالي بالنار هو ما يولد خبرتي بأن النار محرقة. ويعمم هذا السلوك الانفعالي على كل نارٍ، وبذلك تتكامل عناصر ثلاثة في تكوين الخبرة: مكون حسي - عملي، ومكون انفعالي، ومكون معرفي - عقلي.
التعريف القاصر لمكونات العملية التعليمية جعل التعلم والتعليم حكرا على المؤسسات التعليمية. وهذا التعريف أيضا خالف سنن الله في التعلم والتعليم، فهو سبحانه علم آدم ، وأرسل لابنه الغراب ليعلمه بالمشاهدة ليقلد المهارة التي تتحول إلى معرفة يمكن تعميمها. من جهة أخرى فان كل ما يتعلمه الطفل من الوالدين هو تعلم بالمشاهدة والتقليد، والتجربة والتكرار، لان الطفل يولد بلا معرفة .
نحن نعلم أطفالنا المشي والكلام وكيف يأكل وكيف يحافظ على نظافته وأعداد لا تحصى من المهارات بالمشاهدة والتقليد وبالتجربة فكلما ارتكب خطأ، أعدنا المحاولة حتى يتقن ما نود أن نعلمه إياه. إننا نتعلم من أخطائنا. بدون الأخطاء التي ارتكبناها، نحن لم نتعلم شيء.
وعندما نصبح بعمر يسمح لنا بمشاركة الآخرين الرأي او التجارب، أول تحذير نتلقاه، لا تخطئ، ويعاقبنا الأهل إن أخطأنا في امتحان، او لم نحسن التصرف مع أولاد الجيران. أما في المدرسة إن تأخرنا عن الدوام او تصرفنا بشكل غير مناسب في الحصة فإننا نتلقى توبيخا وليس توجيها.
نحن لم نتلقى توجيها مستمرا على التعلم من الأخطاء. نحن ننضج على أن ارتكاب الأخطاء عيب وخطيئة نعاقب عليها. ثم تستكمل العملية التعليمية التي أخرجت من مكوناتها العمل كمكان للتعليم ومصدر له.
ثم نطالب الناس أن يتعلموا من أخطائهم.
إن التعلم من الأخطاء بحاجة إلى أربعة أركان، الانتباه لما نقوم به، والاستعداد لتقبل النقد، ومراقبة نقاط القوة والضعف بمعارفنا ومهاراتنا التي نستخدمها أثناء القيام بالعمل ثم تقييم التجربة بسؤال أنفسنا، ما الذي تعلمنا من هذه التجربة ؟ جواب هذا السؤال هو الخبرة الناتجة عن تجربة واعية. المعرفة الحقيقية من الخبرة، والخبرة كونها مصدر للمعرفة تكون قابلة للدمج في نظامنا المعرفي، وقابلة أيضا للتعميم.
إذا كان تقبل النقد هو الركن الثاني الذي يساعدنا على التعلم من الأخطاء، ما الذي تعلمناه عن النقد وكيفية ممارسته؟ وكيف يمكن ممارسة النقد في بيئة تعلمنا منها أن الخطأ عيب ونعاقب عليه؟
وفي بيئة مجتمعية او مؤسساتية، تطلب من الفرد الكمال، أو نقدم أنفسنا على أننا كاملون، كيف سينتبه الفرد إلى نقاط قوته ونقاط ضعفه أثناء قيامه بالعمل؟ ثم نطالبه بالتعلم من الأخطاء.
إن التعلم من الأخطاء والتعامل مع الفشل، بحاجة إلى إتباع نفس المنهج الذي يستخدمه الوالدين في تربية أطفالهم من لحظة ولادتهم حتى عمر خمسة سنوات، ثم يتبع ذلك توجيها مستمرا في المدرسة والمؤسسات، وإدماج العمل في مكونات العملية التعليمية باعتباره مكان للتعلم والتطور من الخبرة ومصدرا حقيقيا للمعرفة.
إن التعلم من الأخطاء يلزمه إقرار الفرد بعدم الكمال، وانه لا يعرف ما لا يعرفه، واستعداد كامل لتقبل النقد، والقدرة والاستعداد والرغبة على تقييم كل عمل يقوم به.
التعلم والمثابرة على التعلم يحتاج إلى أن نتعلم ونعلم أن العمل والحياة وكل ما تقع عليه أعيننا بما في ذلك أخطاء الآخرين ، أمكنة للتعلم ومصدرا لها بما في ذلك كيف نتعامل مع الأخطاء والفشل ونتعلم منهما؟.

18- الأخطاء بحق الأشخاص:
الاستغفار والاعتذار، لا أرى فرقا بين الاستغفار والاعتذار،
الاستغفار هو اعتذار من الخالق عن عمل لا يقبله سبحانه وتعالى،
والإنسان دائم الاستغفار لأنه معرض بقصد أو بدون قصد لارتكاب الأخطاء. وقد جعل الله الاستغفار طريق للعبد الى رضوان الله .
والاعتذار هو طلب الفرد أو فرد نيابة عن جماعة الصفح من شخص اومجموعة أشخاص على سلوك ضار بهم.
ثقافة اعتذار الناس من الناس أهم من استغفار الناس من رب الناس، لأن الخالق كريم قد يتجاوز عن حقوقه، ولكن الإنسان قد لا يتجاوز عن حقه اوسيئة أضرت به.
يقول الشاعر ابن الحلاوي
كن كيف شئت فان الله ذو كرم/ولا عليك إذا أذنبت من بأس
إلا اثنتان فلا تقربهما أبدا/الشرك بالله والإضرار بالناس
في الآخرة الشرك بالله وحقوق الآخرين لا يدخلان الفرد إلى الجنة. فبذلك يقول الخالق في سورة النساء:
إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لمَن يَشَاءُۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا (48)، هذه الآية تبين أن الخالق لا يغفر قطعا للمشرك به.
أما حقوق الآخرين فان أمرها أصعب، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من كانت له مظلمةٌ لأحدٍ من عرضِه أوشيءٍ فليتحلل منه اليومَ، قبل أن لا يكونَ دينارٌ ولا درهمٌ، إن كان له عملٌ صالحٌ أخذ منه بقدرِ مظلمتِه، وإن لم تكنْ له حسناتٌ أخذ من سيئاتِ صاحبِه فحمل عليه» (البخاري).2449
لان حقوق الآخرين المادية والمعنوية هي دين يستوفيه صاحبه ولو بعد حين.
الاعتذار عن من أخطأنا بحقه او من تخيل له ذلك ثقافة لابد من إفشائها لسلامة المجتمع وحسن خاتمة الفرد.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: " قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لاتتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط: أحدها: أن يقلع عن المعصية. والثاني: أن يندم على فعلها . والثالث: أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا. فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته".
"وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه، وإن كانت حدّ قذف ونحوه مكّنه منه أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة استحله منها رياض الصالحين".
يزداد أمر الاعتذار أهمية وقيمة عندما يتولى الفرد مسؤولية الناس او أشياء وحاجات ومصالح الناس، فهذا يزيد من حقوق الآخرين إذا اخطأ بعمله وهنا يسمى فساد.
(وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) صدق الله العظيم البقرة 205
بالاعتذار نديم المحبة والاحترام.
الاستغفار طريق خطه الله لنا ليقربنا إليه.
والاعتذار طريق نخطه لأنفسنا لنكون سعداء وننشرالمحبة والاحترام ونتحلل من حقوق الآخرين.

19- كيف يجعلك الاعتذار نبيلا؟
الاعتذار طريق الفرد ليكون نبيلا. البعض من الناس مهووسون جدًا باحترام ذواتهم للدرجة التي تجعلهم لا يقرون ولا يعترفون بأنهم ليسوا بهذه الدرجة من الكمال.
بمجرد الاعتراف بأنك ارتكبت أخطاء، فهذا جزء من كونك إنسانًا، وهو أمر لا مشكلة فيه ولا يقلل من شأنك كما تعتقد، وبالتالي يمكنك أن تكون قادرًا على الاعتذار لأنك لست هذا الشخص المثالي الذي تحاول تصويره لنفسك.
إن الاعتذار النابع من القلب عن السلوك غير الصحيح يظهر التعاطف واحترام الطرف الآخر، فأنت بالاعتذار تعترف بمشاعرهم وتؤيد التجربة السيئة التي يمرون بها بسبب أفعالك أو أقوالك.
الاعتذار يظهر أنك تهتم بما فيه الكفاية لكي تقدم ذاتك وتظهر بوصفك شخصًا متواضعًا، مما يقربك أكثر من الآخرين، ويجعلك أمامهم نبيلا.
تذكر، في المشكلات الناتجة عن العمليات الذهنية، عالج السبب.
في المشكلات الناتجة عن العمليات الوجدانية، عالج الأثر، وأول طريق لمعالجة الأثر هو الاعتذار.
الاعتذار يجعلك نبيلا، كن نبيلا واعتذر
20- فيما يلي جدول يبين مراحل العلاقة بين المعرفة والمهارة التي يفشل بعض الأفراد في تجاوز العقبات التي تعترضهم في اكتساب معرفة او مهارة جديدة.
سنقدم في الجدول مثالا عن الاتصال والتواصل
م معرفة مهارة العقبات
1 لا شيء مكتسبة من الوالدين والأسرة والمجتمع تطور المهارة المكتسبة بطيء ومحدود
2 نتلقى تعليما عن الاتصال الهدف من تلقي التعليم تطوير المهارة المكتسبة لتصبح مهارة واعية، مدركة. ينشأ صراع (أيحابي او سلبي) بين المهارة المكتسبة والمعرفة الجديدة
3 نتلقى تعليما جديدا بالاتصال مثل نظام الأسئلة الذكية لا شيء دمج ما تعلمناه في نظامنا المعرفي
4 دمج ما تعلمناه عن الأسئلة الذكية في نظامنا المعرفي نبدأ بالممارسة حتى نكتسب مهارة الأسئلة الذكية هنا أول فشل محتمل، كيف يتصرف البعض
كيف نتصرف.
الفشل يبدأ من الانسحاب وليس الخسارة.
5 معرفة بالأسئلة الذكية مهارة بالأسئلة الذكية قد يقع البعض هنا في الفشل عندما يتوقف عن التعلم وتطوير مهاراته. تصبح المهارة مبرمجة.
6 زيادةوتنويع المعرفة تطوير وتنويع المهارة التعلم والمثابرة على التعلم والتطور، الممارسة بوعي
7 توجيه المعرفة واستخدامها لان تطوير الإدراك بالانتباه والتعود التكرار والتعلم من التجربة يطور المهارات المثابرة والاستمرارية.

 

21- شرح الجدول:
ضربنا في الجدول مثالا عن الاتصال والتواصل.وقد قسمنا الجدول إلى سبعة صفوف كل صف يمثل حالة تطور محتملة للفرد إثناء التعلم واكتساب المهارات. وكل صف ثلاث خانات.
الصف الأول: يمثل الصف الأول المهارات التي نكتسبها من الوالدين والأسرة، ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، والنوادي، والتي من المحتمل أن تبقى معنا طويلا، مثل الاتصال، وطريقة الأكل والنظافة الشخصية،والمشي وتفسير ما نشاهده...الخ.
نحن نكتسب كل المهارات الأساسية من البيئة المحيطة بنا، لأننا نولد بلا معرفة (هذا ما تمثله الخانة الأولى من الصف الأول من الجدول)، ولكن نمتلك الشعور بالإحساس عن طريق التحسس بالمتعة والألم، ثم يبدأ الوالدين والأسرة التواصل معنا.
تتطور عملية التواصل من حركة الوجه واللمس إلى النطق والكلام وتركيب الجمل...الخ. وهذا ما تمثله الخانة الثانية من الصف الأول من الجدول (المهارة). المهارات المكتسبة تتطور ببطء، وتطورها مرتبط بطبيعة البيئة المحيطة بالفرد. هذا ما تمثله الخانة الثالثة من الجدول.
ملخص الصف الأول: نكتسب مهارات من الوالدين والبيئة ولا نمتلك معرفة عن هذه المهارات. مثالا آخر: نحن نتقن المشي بالتجربة والخطأ، ثم نتقن ذلك، ونستمر بالسير على أقدامنا ونطور مهارات المشي والركض بالتكرار دون أن نعرف او نتلقى علما كيف تتم عملية المشي.
الصف الثاني: عندما نتلقى تعليما عن الاتصال (الخانة الأولى من الصف الثاني)، يبدأ صراع او مقارنة ما نقوم به (مهارة مكتسبة) مع ما نتعلمه عن ما نقوم بها صلا.
يهدف التعلم إلى تحسين مهاراتنا المكتسبة وجعلها مهارات واعية. المهارات الواعية قابلة للتطور بشكل أسرع، وقابلة للتعميم أيضا.
تحويل المهارات المكتسبة إلى مهارات واعية لا يتم بسهولة، وهو بحاجة إلى إرادة وتوجيه الوعي والاستمرارية (هذا ما تمثله الخانة الثالثة من الصف الثاني).
الصف الثالث: عندما نتقلى تعليما جديدا عن محور جديد في الاتصال مثل، الأسئلة الذكية او كتابة التقارير او الأنظمة التمثيلية او لغة الجسد،او التحكم بنبرات وقوة الصوت (الخانة الأولى الصف الثالث)، فالمهمة الأولى هي دمج المعرفة الجديدة بنظامنا المعرفي (الخانة الثالثة الصف الثالث).
الصف الرابع: عندما يتم دمج المعرفة الجديدة كليا او جزئيافي نظامنا المعرفي (الخانة الأولى من الصف الرابع)، ونبدأ بممارستها لاكتساب المهارات الواعية الخاصة بها (الخانة الثانية من الصف الرابع)، يبدأ الفرد بمحاولة تطبيق ما تعلمه. في هذه المرحلة (الخانة الثالثة من الصف الرابع) يبدأ الفرد بالمحاولة، يفشل أحيانا وينجح أحيانا أخرى.
هذه المرحلة (تحويل المعرفة الجديدة إلى مهارة) ليست سهلة، وهي بحاجة إلى مثابرة وتكرار. في هذه مرحلة يفشل البعض وهذا أمر طبيعي.
وعلاج الفشل هنا هو التكرار والصبر. أما أصحاب النفس القصير فان مصيرهم الفشل.
الصف الخامس: عند انجاز الصف الرابع، وإتقان المهارات الواعية الجديدة المستندة إلى المعرفة، البعض يحول إتقان المهارة الجديدة من الممارسة الواعية إلى ممارسة مبرمجة. يقع في هذه المرحلة البعض في فشل قد يكون خفيا، وسبب هذا الفشل ناتج عن عدم تجديد وتطوير المعرفة وتطوير المهارات وتنويعها.
الصف السادس: زيادة وتنويع المعرفة وتطوير المهارات يضمن استمرار قيامنا بواجباتنا بوعي.
الصف السابع: الوعي ينطلق إلى المناطق التي تعود عليها، وحيث تضع وعيك تجد النظام، لذلك فان استمرار توجيه المعرفة واستخدامها يؤدي إلى تطوير الإدراك بالانتباه والاهتمام والتعود. وتطوير المهارات بالتكرار وتنويع التكرار. هنا التعلم من التجربة احد أهممصادر المعرفة وتطوير المهارات الذي يؤدي إلى الخبرة.
نتعلم من التجربة عندما نحولها إلى خبرة قابلة للدمج في نظامنا المعرفي مما يؤدي إلى القيام بما هو مطلوب منا (التصرف) بشكل واعي، وتكون تجربتنا قابلة للتعميم.
وأخيرا:
الناجح إنسان لا يستسلم عنيد،متميز، شغوف للتفرد، يتحدى الصعاب ويتغلب عليها.
صدر هذا المقال ضمن ملف حركي (حركة فتح أكاديمية فتح الفكرية) مرجعي تثقيفي بعنوان النجاح والتعامل مع الفشل. يمكنكم الحصول على الكلف كاملا عبر مجموعة نحن العاصفة على الفيس بك، او موقعنا على التلغرام.
محمد قاروط ابو رحمه

 

 

 

 

نداء الوطن