فِلسَطِّيِنِ مَصَنعُ الرِجَالَ، وعَدِّيِ التَمِّيميِ سيدُ الأبَطَالَ

نداء الوطن - جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل

 

أيها الظالمون المُحتلون الصهاينةِ القتلة المجرمون: "قتلتم، وحَبَّسْتُّمْ جِّسَمْ الشهيد البطل عَدِّيِ ما حَبَّسَتُمْ الروح، روحهُ بِحجم الجَبل تِحمل عنا الِجّروح"؛ ويا جبل ما يهزك ريح صامدون هُنا. بعد مُضي قرن من الزمن على، وعد بلفور المشؤوم المجحوم، حينما قامت بريطانيا العُظمي "المملكة المتحدة"، في ذلك الوقت بإدارة استعمارها لفلسطين تحت مسمي زائف هو: "انتداب فلسطين"، وذلك في الفترة ما بين 29 سبتمبر 1922م، إلى 29 نوفمبر 1947م، ثم قامت بريطانيا بتسليم فلسطين للعصابات الصهيونية، وقدمت لهم الدعم السخي ماليًا، وعسكريًا، وسياسيًا !. مما نتج عنه نكبة، وتشرد الشعب الفلسطيني، فكانت السبب المُباشر في ضياع فلسطين التاريخية، وفي اعلان قيام مُستعمرة الكيان الصهيوني المارق في يوم 14 من شهر مايو 1948م. وبقيت فلسطين مغتصبة مُحتلة حتى هذا اليوم، قابعةً، وشعبها تحت حراب المُحتلين المُجرمين القتلة السفاحين!؛ حيثُ تعرض، ويتعرض الشعب الفلسطيني لشتى أصناف المجازر اليومية ولكافة أشكال القمع، والتنكيل، والقتل، والإبعاد عن وطنهم، وهدم البيوت، والتشريد والاعتقال، وتوسع البناء الاستيطاني الصهيوني، حتى صار كالسرطان المنتشر في كل مكان من أرض فلسطين!؛ ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما جاوز المحتلون الظالمون المدى في مدينة القدس المحتلة، وفي المسجد الأقصى المبارك فَصار عُرضةً للتدنيس والاقتحامات اليومية ومُهددًا بالهَدَّمِ!؛ بعدما حاولت عصابة المحتلين الصهاينة الكفرة الفجرة تقسيمهُ زمانيًا ومكانيًا!؛ بعدما أَفَشَّلَت عصابة المحتلين الصهاينة الأشرار كل اتفاقيات السلام الدولية والمُبادرات العربية لحل الصراع العربي الصهيوني!؛ ومما زاد الطين بَلَلاً هو تغول، وتوحش قُطعان المستوطنين، ومعهم عصابة جيش المحتلين في كُل مدن، وقُرى الضفة المحتلة، وزيادة التغول الاستيطاني، ووجود الكثير من الحواجز الصهيونية على كل مدخل مدينة، وقرية فلسطينية، وكذلك في مدينة القدس، وفي المسجد الأقصى المبارك، وتطبيق نظام الفصل العنصري "الأبرتهايد"، على الفلسطينيين، واقرار برلمان العدو الصهيوني "الكنيست"، قانون القومية العنُصري، وازدياد حجم المجازر الصهيونية اليومية، وارتقاء المزيد من الشهداء!؛ مما فجر الأوضاع الميدانية في فلسطين المحتلة، وأوجَبَ ضرورة الجهاد، والكفاح، والنضال والصمود من كُل المناضلين المُجاهدين الفدائيين الفلسطينيين الأبطال للتحدي، والتصدي لِعصابة المحتلين؛ وفعلاً انتفض الشعب الفلسطيني، وحَقَ الجِهادُ، وحق الفداء؛ وصار شعار، ودِّثَار الشعب الفلسطيني هو الجهاد، رغم قوة العدو الحسود، الحقود، ورغم ارتقاء العديد من الشهداء للعلياء، وتشديد الحصار الصهيوني، ووجود الفقر، والبطالة، والخوف، ورصاص القنص، والغدر، والقتل الصهيوني؛ لكن الفلسطينيين أصحاب إرادة، وعزيمة قوية لا تلين ولا تستكين، فتسلحوا بِسلاح الإيمان قال تعالى: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع، ونقص ‏من الأموال والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين"؛ وصبر الأبطال على كُلِ الصعاب، رغم زيادة عدد الشهداء، والسجناء، و اللأواء، ولكنهم صبروا على مرارة فراق الشهداء البررة قال تعالى: "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ"؛ وهب الشباب الفلسطيني المقدام، الهُمام ليدافعوا عن المُقدسات، وعن شرف، وكرامة الأمة العربية والإسلامية رغم مرارة التطبيع العربي المُخزي، والمُهيِن، ورغم كثرة الجراح النازفة، ولسان حَالهم يقول: " اّه يا جُرحي المُكابر، وطني ليس حقيبة، وأنا لست مُسافر، فلسطين الحبيبة، وأنا العاشق؛ "أهٍ يا كبرياء الجُرح لو مُتَّنَا لَحَاربَتْ المَقَابِر، فَالوَحشُ الصهيوني يَقَتُل ثَائِّرًا، وفِلِسَطِينُ تُنبِث ألَفَ ثَائرٍ، وثَائِّرْ". لقد قامت عصابة الجيش الصهيوني المارق المعتدي بفرض حصار خانق على مُخَيم جنين ومدينة نابلس، ومخيم شعفاط في مدينة القدس المحتلة، واعتدوا على الكثير من القرى، والمدن الفلسطينية الأخُرى!؛ فاتسعت رقعة جرائم المحتلين، وتوحش قطعان المستوطنين، وارتقى المزيد من الشهداء الأبرار ، مما أشعل الضفة الفلسطينية المحتلة، ومدينة القدس المحتلة في وجه الغاصبين المحتلين، فانتفضت في مدينة، ومخيم جنين كتائب شهداء الأقصى، وانتفض في مدينة نابلس "عرين الاسود"، الجناح العسكري التابع لحركة فتح، ومعهم كل الشرفاء، والأحرار من الثوار الأبطال؛ فخرج لزِعُران المحتلين الشاب الشهيد المجاهد البطل الأسد/ عدي التميمي. رحمه الله _ لِيُذيِّقْ العدو الصهيوني كأس المنون، ويدمر منظومتهم الصهيونية الأمنية القمعية ويجعل من جيش المحتلين كالفئران النجسة تَفِّرُ مُسرعةً إلى جحُورِها، وقد تحدي لوحدهِ رحمه الله فرقة كاملة من عصابة جيش الاحتلال المدججين بأحدث أنواع السلاح!.

إن عدي الشهيد البطل، والذي احتجز العدو الصهيوني جثمانهُ الطاهر لينظم لقافلة من الشهداء العرب، والفلسطينيين الأبطال المحتجزة جثامينهم الطاهرة في مقابر الأرقام، وفي ثلاجات الموتى عند هذا العدو المجرم الجبان؛ حيث بلغ عدد الشهداء الذين يحتجز الاحتلال جثامينهم ما يزيد عن 350 جثمان لشهيد، وشهيدة محتجزة عند عصابة الصهاينة؛ والذين منهم من مضي على احتجاز جثمانه قرابة نصف قرن، بل، ويزيد، علمًا أن هذا الفعل المُشين لم يفعله أحد قبلهم عبر التاريخ، ولا حتى التتار المغول، ولا حتى النازيين لم يفعلوا ذلك الفعل الاجرامي الوحشي الفاشي الذي اقترفتهُ عصابة الصهاينة اليهود الغاصبين القتلة!.

ولِد الشهيد الفارس البطل الهيثم المقدام الهمام/ عَدِّي التميمي في شهر نوفمبر/تشرين ثاني عام 1999، وكان يفترض أن يطفئ شمعة عيد ميلاده الـ23 بعد أسابيع قليلة، ولكن تم إعدامه على يد عصابة الصهاينة من قبل حراس مغتصبة مستوطنة "معاليه أدوميم"، مساء يوم الأربعاء الماضي مما حال دون ذلك الأمر؛ ولقد كان الشهيد عدي رحمه الله لا ينام الليل، حتى لا تذهب عليه صلاة الفجر، ليؤديها على وقتها، فيصليها ويقرأ القرآن، وبعد ذلك ينام _ عليه رحمهُ الله. لقد استشهد التميمي بعد تنفيذه عملية إطلاق نار عند مدخل مستوطنة “معاليه أدوميم” شرقي القدس بعدما أصاب حارس أمن صهيوني، وكذلك بعدما كان أطلق النار قبل 10 أيام من مسافة صفر على جنود صهاينة في حاجز بمدخل مخيم شعفاط للاجئين الفلسطينيين شمالي مدينة القدس المحتلة، ما أدى إلى مقتل مجندة صهيونية، وإصابة فرديّْن من عصابة المحتلين. استشهد عدي، وترك سيلاً من الأسئلة يدور في مخيلة أمُهِ التي تعلم أن جسد ابنها قد احَتَّجَّزَ منذ استشهادهِ حتي الأن في ثلاجات الاحتلال، وأن تحريره جسده الطاهر لن يكون بالأمر السهل!. واليوم لسان حال الشعب الفلسطيني، وشرفاء الأمة العربية، والإسلامية يهتف: "شمعة على قبر الشهيد وردة على سطح الجبل، صوتٌ ينادي من بعيد عَديِ التميمي يا بَطَل"؛ يا من جعلت من العدو الصهيوني أُضحوكةً، وأرعبتهم، ومرغت أنوفهم في التراب؛ في نفس الوقت الذي كان، ولا يزال يعكف فيه بعض شباب العرب، والمسلمين ممن هم في نفس سِّنْ عدي رحمه الله، على متابعة، وتشجيع فرق كرة القدم الأجنبية، والتعصب لها، وغارقين في اللهو، وفي ملذات الدُنيا!. وإن كل الاحتلال قد نجح في قتل الشهيد عَدِّي؛ ولكنه باستشهادهِ أحيا أُمة نائمة، وأيقظ الهمة وسيخرج للعدو ألف ألف مجاهد مثل عدي؛ فالوحش المحتل يقتل ثائرًا، وفلسطين تُنبث مليون ثائر، وثائر؛ ومهما يكن فراق الشهداء صعبُ، ومُرٌ، وعلقمُ، لكنه سَوف يَمُر، ولن يضُر الشهداء. وإن الشعب الفلسطيني ثار ليأخذ بالثأر، وهَبْ كَالنَار، والِاعِصَار حتي تتحرر فلسطين، والقدس وحتى النصر؛ ولن ينكسر شعبٌ فيه أمثال الشهداء محمد جمجوم، وعطا الزير، وفؤاد حجازي والشهيد البطل محمد الدرة، وفارس عودة، والشهيد الحي عميد الأسري الأسير البطل/ نائل البرغوثي، والذي لا يزال معتقلاً في سجون العدو الصهيوني منذ 44 عامًا!؛ ولن يكون الأخير الشهيد القائد البطل/ عدي التميمي، طالما أن الثمن لدخول الفردوس الأعلى في الجنة هو الجهاد، والشهادة قال تعالى: " إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ ۚ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ وَٱلْإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءَانِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِ ۚ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُم بِهِۦ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ"؛ وأما ما تفعلهُ عصابة المحتلين الصهاينة الغاصبين المُحتلين المجرمين من مجازر، وجرائم يومية بِوثِّيِرةَ مُتصاعدة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، لسوف يعُجَل في زوال كيانهم المارق؛ ومصيرهم الأسود الذي ينتظرهم قادم لا محالة هو القتل حينما ينطق الشجر، والحجر، ولقد اقترب زوال الاحتلال ومصيرهم لمزابل التاريخ، والقتل، تحت الأحذية، وبِالضَّرَب بالنعال؛ ففلسطينُ أرض الأنبياء المباركة المقدسة على موعد مع فجر الحرية والنصر، يرونها بعيدة ونراها قريبة وإنا لصادقون".

الباحث، والكاتب، والمحاضر الجامعي، المفكر العربي، والمحلل السياسي

الكاتب الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل

عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر، رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين

رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية للاجئين، عضو مؤسس في اتحاد المدربين العرب

رئيس الاتحاد العام للمثقفين والأدباء العرب بفلسطين، والمُحاضِّرْ الجامعي غير المتُفرغ

عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين، وعضو الاتحاد الدولي للصحافة الالكترونية

 

 

نداء الوطن