
الصراع قائم على استمرار الاحتلال الإسرائيلي
بقلم : سري القدوة
السبت 8 تشرين الثاني / نوفمبر 2025.
ما وثقته محكمة العدل الدولية في نظرها بدعوى الإبادة الجماعية، والمحكمة الجنائية الدولية ومتابعتها للتحقيق في جرائم الحرب المرتكبة في قطاع غزة، فضلا عن التقارير الحقوقية الصادرة عن الأمم المتحدة، ومؤسسات دولية مثل منظمة العفو الدولية (أمنستي)، وهيومن رايتس ووتش، إضافة إلى مؤسسات إسرائيلية، إذ أكدت جميعها ارتكاب إسرائيل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني وجرائم ضد الإنسانية.
إسرائيل ارتكبت جرائم إبادة جماعية متكاملة الأركان في قطاع غزة خلال أكثر من عامين من العدوان المتواصل، إذ تجاوز عدد الضحايا ربع مليون ما بين شهيد وجريح ومفقود، بالإضافة إلى تدمير نحو 85% من مباني القطاع وهناك مئات الآلاف تضرروا بشكل غير مباشر نتيجة تدمير المنظومات الصحية والإغاثية والتعليمية ومنع الغذاء والدواء، واستخدام التجويع سلاحا للإبادة، ما أدى إلى وفاة المئات بينهم أطفال .
وبرغم من وقف إطلاق النار تواصل حكومة الاحتلال تصعيد عسكري كبير في المناطق الشرقية لقطاع غزة وشمل التصعيد غارات جوية، وقصفا مدفعيا عنيفا، وعمليات نسف وتدمير واسعة النطاق للمباني، تركزت بشكل خاص شرق مدن غزة، وخان يونس، ورفح .
يجب مواصلة كل الجهود الهادفة إلى وقف إطلاق النار بما في ذلك المبادرات الإقليمية والدولية، ورفض أي مقترحات تتجاوز مرجعيات القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومبدأ حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، وخاصة في ضوء استمرار السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية بم فيها القدس من خطوات الضم العدوانية وصياغة التشريعات الباطلة لهذه الغاية، وتوسيع الاستيطان الاستعماري، والتهجير والتضييق على المقدسيين، واقتحام المسجد الأقصى، خاصة في ظل تصاعد إرهاب المستعمرين الذي بلغ مستويات غير مسبوقة .
لا بد من المجتمع الدولي اتخاذ خطوات عملية والانتقال من الإدانة اللفظية إلى خطوات عملية ملموسة، تشمل فرض عقوبات ووقف تزويد إسرائيل بالأسلحة ومراجعة العلاقات الاقتصادية معها، وأن الإفلات من العقاب شجع إسرائيل على التمادي في الجرائم والانتهاكات، وخاصة في ظل استمرار التهديدات التي طالت المحكمة الجنائية الدولية عقب إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين تمثل تهديدا لهيبة النظام القانوني الدولي وتشكل سابقة خطيرة في عرقلة العدالة الدولية .
وفي ضوء التطورات السياسية على الصعيد الفلسطيني يجب على دولة فلسطين المضي قدما في مسار الإصلاح الشامل والذي يقوم على "دولة واحدة، وحكومة واحدة، وقانون واحد، وسلاح واحد"، إلى جانب التحضير لإجراء انتخابات عامة خلال عام من وقف العدوان .
ولا بد من العمل على تمكين الحكومة الفلسطينية من تولي مسؤولياتها في قطاع غزة وإنهاء أي حديث عن وصاية دولية على الشعب الفلسطيني، وضرورة دعم الخطة العربية-الإسلامية لإعادة إعمار غزة والمشاركة في الجهود الدولية التي تقودها مصر في إطار مؤتمر لإعادة الإعمار وأهمية تقديم رؤية إستراتيجية لأولويات التعافي والإعمار، وفقا لاحتياجات قطاع غزة بالتعاون مع المؤسسات الدولية والبنك الدولي والعمل مع مختلف الشركاء الدوليين للعمل على تنفيذ البرنامج المخصصة للإعادة بناء ما دمره الاحتلال في أسرع وقت ممكن، وبما تسمح به الظروف الميدانية .
وفي حقيقة الأمر ان جوهر الصراع هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي، وأن إنهاء الاحتلال هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل، ولا بد من الدول الأوروبية التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى اتخاذ هذه الخطوة دعما لمسار الحل السياسي، خاصة بعد وصول عدد الدول المعترفة إلى 160 .
سفير الإعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.